ثقافات

صناعة الجلد بفاس: تاريخ وتنمية حرفية

مدينة فاس واحدة من أبرز المدن المغربية التي حافظت على تراثها الحرفي عبر الزمن. ومن بين الحرف التي اشتهرت بها، تأتي الدباغة كواحدة من أقدم المهن التي ما زالت تمارس حتى اليوم. هذه الحرفة ليست مجرد وسيلة لإنتاج الجلود، بل هي جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمدينة.

منذ قرون، لعبت الدباغة دوراً مهماً في تعزيز الاقتصاد المحلي وجذب السياح. وتعد دار شوارة واحدة من أشهر الأماكن التي تعرض هذه الحرفة التقليدية، حيث يمكن للزوار مشاهدة عملية تحويل الجلود إلى منتجات فريدة. هذه الحرفة لم تكن فقط مصدر رزق للحرفيين، بل ساهمت في الحفاظ على التراث الفاسي.

تشير الإحصائيات إلى أن قيمة صادرات المنتوجات اليدوية من فاس ارتفعت من 12 مليون درهم في 2009 إلى 27 مليون درهم في 2014، مما يعكس أهمية هذه الحرفة في الاقتصاد المحلي1. بالإضافة إلى ذلك، شكلت المنتوجات الجلدية 74% من رقم معاملات صادرات المنتوجات اليدوية في فاس1.

النقاط الرئيسية

  • حرفة الدباغة في فاس جزء من التراث الثقافي للمدينة.
  • دار “شوارة” من أشهر الأماكن التي تعرض هذه الحرفة.
  • الدباغة تساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي والسياحة.
  • المنتوجات الجلدية تشكل نسبة كبيرة من صادرات فاس.
  • هذه الحرفة تُمارس منذ قرون وتُحافظ على الهوية الفاسية.

أصول وتاريخ صناعة الجلد بفاس

تمتد جذور حرفة الدباغة في فاس إلى قرون عديدة، حيث شكلت جزءًا لا يتجزأ من تاريخ المدينة. تعود أصول هذه الحرفة إلى الإغريق والرومان، الذين نقلوها إلى الفاسيين، والذين حافظوا على أساليبها التقليدية حتى اليوم2.

تشير المصادر التاريخية إلى أن فاس كانت موطناً لأكبر دور الدباغة في المغرب قبل قرنين من الزمن. هذه الدور لم تكن مجرد أماكن عمل، بل كانت مراكز ثقافية وحرفية تعكس الهوية الفاسية.

الجذور التاريخية وتوارث الدباغة عبر القرون

منذ القدم، لعبت العائلات التقليدية دورًا رئيسيًا في نقل تقنيات الدباغة من جيل إلى آخر. هذه العائلات كانت تعتمد على المواد الطبيعية مثل فضلات الحمام والأعشاب في عمليات تنقية الجلود3.

تشير الإحصائيات إلى أن عدد الدباغين في المدينة بلغ حوالي 1000 دباغ، لكن فقط 100 منهم يعملون حاليًا بسبب إغلاق بعض الدور لأعمال الترميم3. هذا التوارث التاريخي ساهم في الحفاظ على هذه الحرفة رغم التحديات.

دور الدباغة في الحفاظ على التراث الفاسي

تعتبر دار “شوارة” واحدة من أشهر دور الدباغة في فاس، حيث تعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي2. هذه الدار ليست مجرد مكان عمل، بل هي رمز للتراث الثقافي والفني للمدينة.

تشكل الدباغة مصدر دخل رئيسي لحوالي 33% من سكان المدينة القديمة، مما يعكس أهميتها الاقتصادية والاجتماعية2. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت هذه الحرفة في جذب السياح وتعزيز الاقتصاد المحلي.

العامعدد الدباغينالدخل اليومي (درهم)
2009100060
202312080

على الرغم من التحديات التي تواجهها هذه الحرفة، إلا أنها ما زالت تُمارس بتقنيات تقليدية تحافظ على الأساس التاريخي لفاس. هذا الاستمرار يعكس مدى ارتباط هذه الحرفة بالهوية الثقافية للمدينة.

عملية دباغة الجلود والتقنيات التقليدية

تمر الجلود في فاس بمراحل دقيقة تبدأ بالتنقية وتنتهي بالتجفيف، مما يعكس مهارة الحرفيين. هذه العملية ليست مجرد تحويل للجلد إلى منتج نهائي، بل هي فن يعتمد على أساليب تقليدية ومواد طبيعية.

عملية دباغة الجلود
عملية دباغة الجلود

طرق التنقية والغسل باستخدام المواد الطبيعية

تبدأ عملية الدباغة بتنقية الجلود من الشوائب باستخدام مواد طبيعية مثل الجير وفضلات الحمام. هذه المواد تساعد على إزالة الأوساخ والدهون، مما يجعل الجلد أكثر مرونة وجاهزًا للمراحل التالية4.

يتم غسل الجلود بعد ذلك في أحواض مملوءة بالماء والأعشاب الطبيعية. هذه الخطوة تضمن نظافة الجلود وتعزز جودتها قبل الانتقال إلى مرحلة الصباغة.

عملية الصباغة واستخلاص الألوان من المصادر الطبيعية

تُصبغ الجلود باستخدام ألوان مستخلصة من مصادر طبيعية مثل قشور الرمان والزعفران. هذه الألوان لا تضيف جمالًا للمنتج فحسب، بل تحافظ أيضًا على الطبيعة التقليدية للحرفة5.

يستغرق دبغ الجلود في بعض الأحيان حتى 10 أيام لضمان تشبعها الكامل بالألوان. هذه العملية الطويلة تعكس مدى الدقة والاهتمام الذي يبذله الحرفيون.

التجفيف وتوجيه الجلود لأسواق البازارات

بعد الصباغة، تُجفف الجلود في مناطق مرتفعة لضمان تهويتها بشكل صحيح. هذه المرحلة الأخيرة تعد حاسمة لضمان جودة المنتج النهائي.

تُوجه الجلود بعد ذلك إلى أسواق البازارات في المدينة القديمة، حيث يتم بيعها كمنتجات فريدة. هذه العملية بأكملها تعكس مهارة الحرفيين وتفانيهم في الحفاظ على تراثهم4.

  • التنقية باستخدام مواد طبيعية مثل الجير وفضلات الحمام.
  • الصباغة بألوان مستخلصة من قشور الرمان والزعفران.
  • التجفيف في مناطق مرتفعة لضمان الجودة.
  • توجيه الجلود إلى أسواق البازارات في المدينة القديمة.

تعتبر دار شوارة مثالًا حيًا على هذه العملية، حيث يمكن للزوار مشاهدة كل مرحلة من مراحل الدباغة. هذه التجربة لا تعكس فقط مهارة الحرفيين، بل تساهم أيضًا في جذب السياح وتعزيز الاقتصاد المحلي.

صناعة الجلد بفاس في العصر الحديث والتحديات

على الرغم من التقدم التكنولوجي، ما زالت حرفة الدباغة في فاس تواجه تحديات كبيرة في العصر الحديث. هذه التحديات ليست اقتصادية فحسب، بل تشمل أيضًا ظروف العمل الصعبة والمخاطر الصحية التي يعاني منها العمال.

تحديات صناعة الجلد بفاس
تحديات صناعة الجلد بفاس

تحولات السوق والقضايا الاقتصادية

شهدت دور الدباغة في فاس تحولات كبيرة بسبب التغيرات في الأسواق العالمية. مع زيادة استخدام المواد الكيماوية، انخفض الطلب على المنتجات التقليدية، مما أثر على دخل العمال6.

أشارت تقارير إلى أن بعض أصحاب البازارات يحددون الأسعار بشكل يؤدي إلى استغلال العمال. فعدم ترك هامش ربح مناسب يزيد من معاناتهم الاقتصادية7. هذه الممارسات تهدد استمرارية هذه الحرفة العريقة.

المشاكل الصحية والاجتماعية لعمال الدباغة

يواجه عمال الدباغة مخاطر صحية كبيرة بسبب استخدام المواد الكيماوية الضارة. هذه المواد تسبب أمراضًا جلدية وتنفسية، مما يؤثر على حياتهم اليومية7.

بالإضافة إلى ذلك، يعاني العمال من ظروف عمل قاسية، حيث يقضون ساعات طويلة في أماكن غير صحية. هذه الظروف تؤثر على حياتهم الاجتماعية وتقلل من فرصهم في تحسين أوضاعهم6.

تسعى الجهات الرسمية إلى إعادة التوازن في هذا القطاع من خلال تحسين ظروف العمل وتقديم تعويضات مناسبة. ومع ذلك، لا تزال هذه الجهود بحاجة إلى المزيد من الدعم لضمان استمرارية هذه الحرفة7.

الخلاصة

تُعد حرفة الدباغة في فاس جزءًا أصيلًا من التراث الثقافي للمغرب. هذه الحرفة، التي تعتمد على المواد الطبيعية، تعكس مهارة الحرفيين ودقتهم في تحويل الجلود إلى منتجات فريدة. يعمل أكثر من 600 صانع تقليدي في دار الدباغة، حيث ينتجون ما بين 3,000 إلى 5,000 جلد يوميًا8.

على الرغم من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها العمال، مثل ظروف العمل الصعبة والمخاطر الصحية، إلا أن هذه الحرفة ما زالت تحافظ على مكانتها. تستغرق عملية معالجة الجلود ما بين 10 أيام إلى أسبوعين، مما يعكس الجهد الكبير الذي يبذله الحرفيون8.

يجب أن تكون هناك جهود لإعادة تنظيم العملية وتوفير حقوق أفضل للعاملين. هذا سيساعد في الحفاظ على هذه الحرفة كجزء من الهوية الوطنية. الاستمرارية في استخدام الطرق التقليدية مع تحديث الأساليب هو المفتاح لضمان مستقبل هذه الحرفة العريقة.

FAQ

ما هي المواد الطبيعية المستخدمة في دباغة الجلود بفاس؟

تُستخدم مواد طبيعية مثل فضلات الحمام وأوراق الأشجار في عملية الدباغة للحفاظ على جودة الجلود وإعطائها لونًا مميزًا.

كم تستغرق عملية دباغة الجلود من الوقت؟

تستغرق العملية عدة أسابيع، حيث تمر الجلود بمراحل متعددة مثل الغسل والتجفيف والصباغة.

ما هو دور الدباغة في الحفاظ على التراث الفاسي؟

تعتبر الدباغة حرفة تقليدية تُحافظ على التراث الثقافي للمدينة القديمة وتجذب السياح لرؤية هذه المهنة العريقة.

ما هي التحديات التي تواجه صناعة الجلود في فاس اليوم؟

تواجه الصناعة تحديات اقتصادية وصحية، خاصةً بالنسبة للعاملين في الدباغة الذين يتعرضون لظروف عمل صعبة.

كيف يتم تجفيف الجلود بعد عملية الدباغة؟

يتم تجفيف الجلود تحت أشعة الشمس في أماكن مفتوحة لضمان جفافها بشكل طبيعي وفعال.

ما هي أهمية دباغة الجلود في اقتصاد فاس؟

تُساهم هذه الحرفة في دعم الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص عمل وبيع المنتجات في أسواق البازارات.

هل يمكن زيارة دور الدباغة في فاس؟

نعم، يمكن للسياح زيارة هذه الأماكن لرؤية العملية التقليدية عن قرب والتعرف على هذه المهنة العريقة.

روابط المصادر

  1. الصناعة التقليدية – جهة فاس مكناس – https://www.region-fes-meknes.ma/الجهة/استكشاف-الجهة/الصناعة-التقليدية/
  2. الأقدم في العالم العربي.. تاريخ “دار الدباغة” بفاس – https://arabicpost.net/منوعات/2023/07/04/دار-الدباغة-في-فاس/
  3. دباغة الجلود بفاس .. حرفة قديمة تجذب السياح وتؤرق الصناع – https://www.hespress.com/دباغة-الجلود-بفاس-حرفة-قديمة-تجذب-الس-288079.html
  4. دار الدباغ بفاس… منبع الجلد المغربي الأصيل – https://arabic.cnn.com/gallery/2015/08/02/morocco-fez-tanning
  5. دباغة – https://ar.wikipedia.org/wiki/دباغة
  6. فاس متحف التراث الثقافي المغربي – https://www.gomorocconow.com/ar/فاس-متحف-التراث-الثقافي-المغربي/
  7. فاس – https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2014/11/16/فاس
  8. دار الدباغ بفاس المغربية.. “أغلق أنفك وافتح عينيك” أنت في حضرة الإبداع | الخلاصة نت – https://khlaasa.net/819532
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى